أما حفظك لنفسك في غيبته فهو ممايمليه عليك دينك قبل كل شيء واعلمي أن الرجل قد يغار مما لا إثم فيه فاحفظي نفسك منه رعاية لغيرته وإن غيرة الرجل قد تصل إلى حد يفوق التصور وانظري إلى تلك القصة لهذا الصحابي الجليل :
قال أبو سعيد الخدري : كان فتى منا حديث عهد بعرس قال : فخرجنا مع رسول الله إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول الله : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة , فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة , فقالت له : اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ماالذي أخرجني , فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ...... فذكر قصة قتل الحية . ( )
وقال سعد : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح .
وقال رسول الله : أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني .
وروي أن أن الصحابة رضي الله عنهم كـانوا يسدون الثقوب والكوى في الحيطان من الغيرة , وأن معاذا رأى امرأته تطلع في الكوة فضربها ورأها مرة دفعت إلى غلامه تفاحة قد أكلت منها فضربها . ( )
وقد سبق في فصل لماذا خلقت المرأة بعض مايتعلق بالغيرة .
وقد يغار زوجك من أن يسمع غريب صوتك أو يرى شيئا من ملابسك أو حذاءك مثلا ونحو ذلك من أمور قد تبدو في نظرك لاتستدعي غيرة فعليك باحترام ذلك منه لأنه أعرف بالرجال منك وبعض مرضى القلوب يتأثرن بمثل ذلك وأقل .
احذري الحديث مع أجنبي مهما اقتضى الحال إلا في ضرورة مع إذن الزوج لك كالرد على طارق لباب أو هاتف ونحو ذلك ، إياك من باب أولى من الخلوة مع أجنبي ولو كان من أحمائك فالحمو الموت كما قال النبي ، وماخلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
كما أوصيك يابنيتي بدراسة حدود عورة المرأة أمام محارمها وأمام النساء واحذري ماتفشى في بعض المجتمعات من إرضاع المرأة لطفلها أمام محارمها ، والتزمي بما يمليه عليك زوجك ولو زاد على تلك الحدود إرضاء له وإذهابا لغيرته .
وإياك أن تضعي ثيابك في غير بيت زوجك فيرى عورتك غيره ولو كانت امرأة كما في الحمامات العامة والمسابح ولو كانت نسائية فبعض النساء هداهن الله يتساهلن في كشف عـوراتهن بحضرة أمثالهـن من النساء وقد قال رسول الله : لاتنـظر المرأة إلى عورة المرأة . ( )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت - وجاءها نسوة من الشام - : لعلكن من بلدة كذا التي يدخل نساؤها الحمامات - سمعت رسول الله يقول : أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر مابينها وبين الله . ( )
وقال رسول الله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايدخل حليلته الحمام ،( ) ولا تمكني رجلا أجنيا من مداعبة طفلك وتقبيله في حضرتك ولاتداعبي أنت طفلا لأجنبي عنك ولاتقبليه في حضرته فإن لذلك تأثيرا غريبا في المرأة والرجل وكأنما يعنى به الوالدة أو الوالد قال الشاعر :
ولست بسائل جـارات بيتي أغياب رجالك أم شهود
ولا ألقي لذي الودعات سوطي لألهيـه وربتـه أريد
وذو الودعات : الطفل
وقال آخر :
لا آخذ الصبيان ألثمهم والأمر قد يغزى به الأمر
وقال ثالث :
إذا رأيت صبي القـوم يلثمه ضخم المناكب لاعم ولا خال
فاحفظ ثيابك منه أن يدنسها ولا يغرنك حسن الحال والمال
كما لاتتعرضي للسؤال عن أجنبي وعن حاله ولا تمتدحيه بشيء وصلك عنه ولو كان قريبا ، فلربما وصله ذلك فأحدث الشيطان في نفسه أمرا .
ولاتمتدحي رجلا أجنبيا بشيء أمام زوجك مهما اقتضى الأمر ، وإن كان لدينه ففي السلف الصالح والأموات غنية عن الأحياء مظنة الفتنة والريبة .
وفي المقابل لاتمتدحي زوجك أمام أجنبيات فإنك إن أمنت فتنتهن به وزهدهن في أزواجهن بسبب ذلك ، لم تأمني حسدهن لك , وإني لأعرف امرأة كانت تمتدح زوجها عند صديقة لها فإذا بها في يوم من الأيام تقول لها : أريد أن أفارق زوجي لأتزوج من زوجك , وهذا وإن كان على سبيل المزاح فإنه يوحي بما تحت الرماد من نار .
وإياك والجلوس في مجلس فيه رجال أجانب ولو في حضرة زوجك مهما كنت من الالتزام بالحجاب الشرعي ، كأن يوصلك صديق لزوجك في سيارته بحضرته ، إلا إذا دعت الضرورة ، فإن في ذلك مفسدة عظيمة لدينك فلربما ظهر منه لطف في العبارة أو خفة في الدم أو صفات ليست في زوجك وقد يقع بصرك عليه فترين فيه ماليس في زوجك فيحدث لك فتنة في دينك ويقذف الشيطان في قلبك مقارنة زوجك به مماقد يزهدك في بعلك وعشيرك ويشغل فكرك بغيره وانظري إلى ماذكره خبير بالحياة من أهل العلم يقول ابن حزم رحمه الله وقد تربى بين النساء فأصبح من أخبر الناس بهن : مارأيت قط امرأة في مكان تحس أن رجلا يراها أو يسمع حسها إلا وأحدثت حركة فاضلة كانت بمعزل وأتت بكلام زائد كانت عنه في غنية مخالفين لكلامها وحركتها قبل ذلك ، ورأيت التهمم لمخارج لفظها وهيئة تقلبها لائحا فيها ظاهرا عليها لاخفاء به ، والرجال كذلك إذا أحسوا بالنساء ، وأما إظهار الزينة وترتيب المشي واصطناع المرح عند خطور المرأة بالرجل واجتياز الرجل بالمرأة فهذا أشهر من الشمس في كل مكان . ( )
وروى البزار والدارقطني عن علي أن النبي قال لابنته فاطمة : أي شيء خير للمرأة فقالت : ألا ترى رجلا ولايراها رجل فضمها وقال : ذرية بعضها من بعض واستحسن كلامها . ( )
وقد حدثني بعض الفضلاء عن صديق له يشكو حادثة وقعت معه تؤكد ماذكرته لـك يقول : إن له صديقا ركب معه سيارته هو وزوجه للذهاب إلى مكان بعيد ، وكان صديقه قليل الحركة ثقيل الدم وكان هو على العكس من ذلك ، ومرت مواقف عديدة عليهم أثناء الطريق على مرأى ومسمع من تلك المرأة التي انتهزت فرصة نزول زوجها من السيارة لقضاء أمر ما فأمسكت بصديق زوجها وتعلقت به تقول له : لقد أكلت قلبي وأنا قضيت عمرا مع هذا السمج .... ونحوا من هذا الكلام ، حتى أصبح الرجل الآن في فتنة عظيمة ، وهي في فتنة أعظم .
ووصية عليك أن توصي بها كل أخت لك في الله كانت قد سبق لها زواج أو خطبة قبل زوجها الحالي فلم تستدم الصحبة أن تعرف ماذكرته من غيرة الرجل وتتقي الله سبحانه فيه فلاتذكر زوجها أو خطيبها السابق أبدا إلا إن ذكره زوجها فتؤكد له أنه أفضل منه وأكرم منه وأنه حفظ عشرتها وتحمل مالم يتحمله غيره منها ، ولتعلم أن من سبقه إنما أصبح أجنبيا عنها الآن فذكرها له بمدح أو ثناء فيه منقصة لدينها ودليل رقة فيه وعدم التزام بحدود الله ، وقد وصل الأمر برجل أن طلق امرأته ثلاثا البتة في الأسبوع الثاني من زواجهما على الرغم من تدينه وطلبه للعلم بسبب كلمة قالتها أوهمت ثناء على زوجها الأول ، فالحذر الحذر .
تعليقات