ونعني بالتفكك انحلال روابط الأسرة واضمحلال المحبة والمودة بين أفراد البيت الواحد فلا يكون للبيت دوره الرئيس في توجيه وضبط سلوك الأولاد وإنما هو عبارة عن مأوى للنوم والأكل وما شابه ذلك فحسب ، ولا شك أن هذا أمر خطير لا بد من وضع الحلول المناسبة له ليعود البيت إلى وضعه الطبعي ولكن قبل ذلك لا بد أن نعرف بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى التفكك الأسري فمن ذلك :
1 ) عدم مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية .
فالمسلم ينبغي أن يسير في حياته وفق المنهج الرباني الذي أمر باتباعه قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ومن أعظم أوامر الله التي يجب العناية الأكيدة بها الصلاة ، ولذا فقد نص الله على متابعة الأهل عليها في القرآن الكريم فقال سبحانه ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ، ويصطبر عليها ويلازمها . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ، ويقول لهم : الصلاة الصلاة ، ويتلو هذه الآية ( وأمر أهلك بالصلاة .) رواه مالك في الموطأ .
وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل عليه السلام فيما أثنى عليه بقوله ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) ، وعن القاسم بن راشد الشيباني قال : كان زمعة نازلاً عندنا بالمحصب ، وكان له أهل وبنات ، وكان يقوم فيصلي ليلاً طويلاً فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته : أيها الركب المعرِّسون أكُلَّ الليل ترقدون ! أفلا تقومون فترحلون ؟ ، فيتواثبون فيُسمع من ههنا باك ، ومن ههنا داع ، ومن ههنا قارئ ، ومن ههنا متوضئ فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته : عند الصباح يحمد القوم السرى .
هذا هو حال القوم فما هو حالنا ؟؟!! أحوال كثير منا مزرية ولا حول ولا قوة إلا بالله فهمُّ كثير منا مع أسرته هل أكلوا هل شربوا هل لبسوا هل درسوا !!! أما هل صلوا هل أدوا ما أوجب الله عليهم ؟؟ فلا رقيب ولا حسيب بل والله أعجب من ذلك !!! ابنه يريد الصلاة في المسجد فيمنعه !! وابنه يريد الصيام في رمضان فينهاه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ويقول تعالى كما في الآية المتقدمة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا.... ) ووقاية ألأهل من النار لا تكون إلا إذا راعى المسلم أوامر ربه في نفسه وفي من تحت يده . قال الإمام الغزالي رحمه الله عند آداب الزوج : فإنه أمر أن يقيها ( أي الزوجة ) النار فعليه أن يلقنها اعتقاد أهل السنة ، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن استمعت إليها ، ويخوفها بالله إن تساهلت في أمر الدين ويعلمها من أحكام الحيض والاستحاضة ما تحتاج إليه . أ . هـ
أقول : وهكذا على الرجل تجاه أولاده عليه أن يراعي أوامر الله فيهم وان يتفقد أحوالهم الدينية كما يتفقد أحوالهم الدنيوية وهذا ما يجرنا إلى العنصر الثاني من عناصر التفكك الأسري وهو :
2 ) عدم تربية الأولاد التربية الصالحة.
فبعض الناس يظن أن أمر التربية أمر مستحب وطيب ولا حرج على الإنسان لو فرط فيه ، وهو والله ظن خاطئ فأمر التربية واجب والإنسان محاسب على تفريطه ومسئول عن تساهله قال صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه والجنة ) متفق عليه .
فالأمر خطير والحساب عسير .
كما أن بعض الناس يظن أن التربية الصالحة فقط هي أن تحض الولد على الصلاة فقط وتسأله عن أدائها -مع أنها من أهم الأمور وهي رأس الأعمال الصالحة – لكن أن تتساهل في جوانب التربية الأخرى فهذا قد الصلاة نفسها للخطر فيتركها الولد إذا لم يكن هناك تكامل في جوانب التربية المختلفة
تعليقات