أصل الخليقة
الرجل :
لست أعني بهذا
العنوان مادل عليه قوله تعالى : ] وماخلقت
الجن والإنس إلا ليعبدون [ فإن هذا
أمر عام في الرجال والنساء بل في الجن والإنس ولكني أعني به دور المرأة في هذه
الحياة وهو عند التأمل شرح وتفصيل للعبادة التي خلقت لأجلها .
انظري يابنيتي
إلى قصة خلق آدم ، تأملي : الذي أراد الله أن يجعله خليفة هو آدم عليه السلام
والذي خلقه الله بيده من بين جميع مخلوقاته هو آدم والذي نفخ الله فيه من روحه هو
آدم والذي أسجد له الملائكة هو آدم والذي علمه الله الأسماء كلها هو آدم والذي
أسكنه الله الجنة هو آدم . ([1])
المرأة خلقت
لإيناس الرجل :
وإكراما من الله
لآدم عليه السلام ، وإيناسا لوحشته ، خلق الله له حواء من جزء من جسده وهو ضلع من
أضلاعه ، قال تعالى : ]هو الذي خلقكم
من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها [ وروي أنه لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن
إليها ، فنام نومة فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ، فسألها
من أنت ؟ قالت : امرأة ، قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي , قالت له الملائكة
ينظرون مايبلغ علمه : مااسمها ياآدم ؟ قال : حواء قالوا : لم سميت حواء قال :
لأنها خلقت من حي , فقال الله : ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة .
وانظري ياابنتي
إلى التعبير القرآني ] وقلنا
ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة [ وفي
الآية الأخـرى ]وياآدم اسكن أنت
وزوجك الجنـة[ فالخطاب لآدم وهو الأصل وعبر عـن حواء - مع
إبهام اسمها لعدم أهمية ذكره لأنها تبع لآدم - عبر عنها بالزوج لأنها منذ اللحظة
الأولى خلقت لتكون زوجا ، فهذا هو دورها الذي خلقت لأجله .
وفي نظر
الفلاسفة يراها سقراط الحكيم أحلى هدية قدمها الله سبحانه وتعالى إلى الإنسان ,
المساواة بين
الرجل والمرأة في أصل التكليف :
ثم تلاحظين أنها
اشتركت معه في الأمور الحياتية كالأكل وفي التكاليف الشرعية كالنهي عن الشجرة وفي
الجزاء كالهبوط من الجنة وفي التوبة والإنابة كالاستغفار من المعصية كما أنهما اشتركا
في عداوة الشيطان لهما كما قال سبحانه : ] إن هذا عدولك ولزوجك فلايخرجنكما من الجنة فتشقى[ وقال : ] ألم
أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين [ فإذن المرأة على الرغم من كونها خلقت أصلا للرجل إلا أنها شابهته
في أمور كثيرة منها الخلقة السوية ومعظم التكاليف الشرعية ومايترتب عليها ، ولعل
السبب في ذلك هو حصول تمام الأنس للرجل كما روي عن عطاء قال : فكان آدم لايستأنس
إلى خلق في الجنة ولايسكن إليه ولم يكن في الجنة شيء يشبهه فألقى الله عليه النوم
وهو أول نوم كان فانتزعت منه ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر فخلقت حواء منه فلما
استيقظ آدم فجلس فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر ... الخ . ([3])
ماهي خيانة حواء
؟
وعن ابن مسعود t وناس من الصحابة قالوا : لما قال الله لآدم اسكن
أنت وزوجك الجنة أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة فأتى الحية وهي دابة لها أربع
قوائم كأنها البعير وهي كأحسن الدواب فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم
فأدخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة فدخلت ولايعلمون لما أراد الله من الأمر
فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه فخرج إليه فقال : ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد
وملك لايبلى وحلف لهما بالله إني لكما لمن الناصحين فأبى آدم أن يأكل منها فقعدت
حواء فأكلت ثم قالت : ياآدم كل ، فإني قد أكلت فلم يضر بي فلما أكلا بدت لهما
سوءاتهما وطفقا يخصفـان عليهما من ورق الجنة . ([4])
وقد جاء نحو ذلك
في كتب أهل الكتاب وفيها أن آدم قال لربه : المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني
من الشجرة فأكلت ، فقال الرب الإله للمرأة : ماهذا الذي فعلت ؟ فقالت المرأة :
الحية غرتني فأكلت , فقال الرب الإله للحية : لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع
البهائم ومن جميع وحوش البرية ، على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك وأضع
عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه , وقال
للمرأة : تكثيرا أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو
يسود عليك .... الخ . ([5])
وهذا الذي جاء
في التوراة المتداولة الآن لانصدقه ولانكذبه لقوله e : حدثوا عن بني إسرائيل ولاحرج وقال : ولاتصدقوهم ولاتكذبوهم ,
ولكن يشهد له آثار تقدمت وأحاديث صحيحة نذكر منها قوله e : عن الحيات : ماسالمناهن منذ حاربناهن . ([6])
وقوله في بعض
أنواعها : يسقطن الحبل . ([7])
وقال في حواء :
لولا حواء لم تخن أنثى زوجها قط . ([8])
قال المناوي في
شرح هذا الحديث : لولا خيانة حواء لآدم في إغوائه وتحريضه على مخالفة الأمر بتناول
الشجرة لم تخن أنثى زوجها قط لأنها أم النساء فأشبهنها ولولا أنها سنت هذه السنة
لما سلكتها أنثى مع زوجها فإن البادىء بالشيء كالسبب الحامل لغيره على الإتيان به
فلما خانت سرت في بناتها الخيانة فقلما تسلم امرأة من خيانة زوجها بفعل أو قول
وليس المراد بالخيانة الزنا حاشا وكلا ، لكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل
الشجرة وزينت ذلك لآدم مطاوعة لعدوه إبليس عد ذلك خيانة له ، وأما من بعدها من
النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها .
الرجل هو المعلم
:
وعندما تاب الله
عليهما كان الذي تلقى الكلمات من الله هو آدم قال تعالى : ]فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه [ .
ولاشك أن آدم
علمها حواء لقوله سبحانه : ]قالا ربنا ظلمنا
أنفسنا .... [ الآية فهو
المتلقي وهو المعلم ، وهو المنصوص على قبول توبته وزوجه تبع له .
لماذا خلق الله
ذكرا وأنثى ؟
ومن الناحية
العقلية نجد أن جنس الإنسان لم يقسمه الله سبحانه إلى نوعين عبثا وإنما جعله كذلك
لأداء مهمتين مختلفتين وإلا لو كانت المهمة واحدة لكان قسما واحدا إما ذكورا فقط
وإما إناثا فقط كما خلق الله الليل والنهار فجعل لكل منهما صفات خاصة ومهمة مختلفة
مع اشتراكهما في كونهما زمنا وظرفا لحدوث الأشياء إلا أن الليل ظلام والنهار نور
والليل سكن وهدوء وراحة واستقرار والنهار كدح وعمل وسعي وجد .
وقد جمع الله
سبحانه بين خلق الذكر ، والأنثى ، وبين خلق الليل والنهار في سورة الليل في قوله
تعالى : ]والليل إذا يغشى
والنهار إذا تجلى وماخلق الذكر والأنثى [ ولعل في ذلك ملمحا لما تقدم فالمرأة خلقت للسكن والراحة والرجل
خلق للكدح والسعي وهما مشتركان في التكليف . ([9])
تعليقات